حقوق الصورة |
نبذة عن حياته :
هو أبو بكر محمد بن يحيى بن زكريا الرازي ، وُلِدَ في مدينة الري - و هي بلدة قريبة من طهران الآن - ولد عام 230 هجري / 845 ميلادي ، كان زكريا أبا محمد يعمل صائغاً .
حفظ الرازي القرآن الكريم وهو في العاشرة من العمر و كان ماهراً في الحساب ، لم يصلنا عن حياة الرازي في طفولته الكثير فكانت هذه المرحلة من عُمره غامضة .
بلغ الرازي العشرين من العمر فدعاه والده للعمل معه فاستجاب له ، كان الرازي عندما ينتهي من عمله عند الغروب يذهب إلى صديق أبيه الصيدلاني في البيمارستان ( المستشفى ) التابع لمدينة الري، فدرس الطب على يديه وأقام على ذلك عشر سنوات فذاع صيته بعدها فلقبوه بلقب الرازي .
بعدما انتهى الرازي من دراسة الطب في مدينة الري سافر إلى مدينة بغداد حيث حدث أن المُعتضد بالله أراد بناء بيمارستان حديث في مدينة بغداد فجمع العلماء و الأطباء ليختار منهم من يرأس بناء البيمارستان فكان عددهم 100 من بينهم الرازي ثم اختار منهم 50 أيضاً من بينهم الرازي ثم 10 منهم الرازي ثم ثلاثة أيضاً منهم الرازي، فسأل المعتضد بالله وزيره : " أيهم أختار ؟" فقال له الوزير : " إن الرازي يا مولاي هو الأفضل " فاختار المعتضد بالله الرازي وقال له : " أريدك أن تبحث لي عن المكان المناسب في بغداد لبناء البيمارستان " فذهب الرازي إلى بيته وجلس يفكر و خطرت له هذه الفكرة الذكية التي بقيت تُستخدم بعد وفاته لمدة طويلة و هي أن يأتي بقطعة لحم كبيرة من اللحام ويقوم بتقطيعها إلى قطع ثم يعطي لكل فتىً من فتيانه قطعة يضعها في منطقة ما من بغداد وينتظر يوماً و يرى ماذا يطرأ على قطعة اللحم و بالفعل أخذ الرازي قطعة لحم كبيرة وقسمها 10 أقسام ثم نادى فتيانه وأعطى كلٍ منهم قطعة من اللحم ووزعهم في أنحاء بغداد وطلب منهم الرازي وضّع قطعة اللحم في كل المناطق التي حددها لهم ، ثم بدأ الرازي يتابع ما يحدث لقطعة اللحم من تغييرات وقام بكتابة الملاحظات من حيث التعفن وغيرها ، فلاحظ أن هنالك قطعة من اللحم بطيئة التعفن قليلة الخراب في منطقة ما فأمر الرازي ببناء البيمارستان في ذلك المكان .
فكان هذا البيمارستان من أحدث البيمارستانات في العالم في ذاك الوقت فكان المستشفى يوجد فيه أجنحة خاصة بالرجال و أخرى بالنساء و الأطفال السن ، و كان مُزوَّد بأحدث الأجهزة في ذاك الوقت، و كان المستشفى مكاناً يتعلم فيه التلامذة الطب ، و كان الرازي يجتمع بالتلامذة و المُساعِدِين و الأطباء للتشاور في الحالات المرضية و تشخيصها فيبدأ بالتلامذة فإن عجزوا سأل الرازي المُساعِدِين فإن عجزوا إنتقل للأطباء فإن عجزوا فيتولى بنفسه تشخيص المرض و العلاج و تحديد المظاهر و الأعراض و طرق العلاج .
عاش الرازي حياة مديدة امتدت 80 عاماً كان قد أنجز فيها الكثير من المنجزات التي سجلها له التاريخ ، و عندما أحس العالم الجليل الرازي بِدِنُو أجله عندما بدأت الأمراض تصيبه مثل مرض المياه الزرقاء في عينه الذي أصابه وهو في الخامسة و السبعين من العمر . طلب الرازي من الخليفة القاهر بالله إعفائه من منصبه في البيمارستان و عودته إلى مدينة الري ليموت بين أهله، فوافق الخليفة على طلبه ، و قبل خروج الرازي من بغداد قدم الرازي إلى الخليفة كتاب ( الحاوي في الطب ) و كان في 23 مُجلَّداً ضخماً، فتعجب الخليفة وسأله :" كم المدة التي أمضيتها بكتابة هذا الكتاب ؟ "، فأجابه الرازي : " لقد أمضيت فيه 15 عاماً من عمري، قمت بجمع كل ما سبقني من معلومات و أَضفتُ إليها معلومات إكتسبتها من خلال حياتي و نسبتها إلي و هذا الكتاب ليس للعامة بل للأطباء فقط، فلا يمكن للعامة فِهمُ ما فيه " فقام الخليفة و أمر بطبع الكتاب ونشره على الأطباء .
وفاة الرازي :
و قبل عودة الرازي إلى ري أقام له البيمارستان إحتفالاً ضخماً تقديراً له على جهوده ، فقام الرازي بإعطاء النصائح للأطباء و المُساعِدِين و التلامذة ثم غادر الرازي بغداد مُتجِهاً إلى مدينة الري و فيها توفي عام 310 هجري / 925 ميلادي رحمه الله .
كان الرازي إمام الطب العربي و أكبر أطباء العصور الوسطى و قيل فيه : " كان الطب معدوماً فأحياه الرازي و كان مُتفرِّقاً فجمعه " ، فلقد كان الرازي نابغة في الطب و الكيمياء .
قصص من حياته و في مرضاه :
1 قدَّم الرازي كتاب المنصوري في الطب إلى الخليفة المنصور، فأمر المنصور الرازي بالقيام بما كتبه في كتابه فحاول الرازي تجنُّب ذلك عن طريق قوله أن العملية تحتاج إلى الكثير من الأدوات فقال المنصوري : سأمُدَّك بكل المواد التي تحتاجها فقام الرازي بعمل التجارب الكيميائية و لكنه فشل بالقيام بما كتبه في كتابه .
2 و يُقال أن هنالك أمير الدولة السامانية المنصور أصيب بمرض خطير لم يستطع الأطباء في قصره مداواته فأشاروا عليه بالرازي الذي كان ما يزال يقطن في مدينة الري فأمر جنوده بالذهاب و إحضار الرازي فقَدِمَ الرازي إلى الأمير، وهو في الطريق أرادوا المرور بنهر يقطع بينهم الطريق إلى الأمير و لكن الرازي كان يخاف من الغرق فأبى الذهاب إلى الأمير فخيَّم الجنود في تلك المنطقة حتى يُغيَّر الرازي رأيه، حتى إذا هبط الليل أخذ الرازي فرس و رجع به إلى الري فعندما أتى الصباح لاحظ الجنود أن الرازي قد ذهب فرجعوا خائبين إلى الأمير فغضب الأمير وأمرهم بأخذه رغم أنفه، فذهب الجنود وأحضروه إلى الأمير فقام الرازي بِمُعالجته بالأدوية و لكن أياً من ذلك لم ينفع فعَلِمَ الرازي أن شفاء الأمير لا يكون إلا بالعلاج النفسي، فذهب إلى الأمير وطلب منه أن يخرج خارج المدينة فخرج الأمير وكان الرازي قد جهَّز له حماماً ساخناً و أجلس به الأمير ثم طلب الرازي من الجنود و الحرس و الخدم الذهاب، ثم ذهب إلى خادمه و أمره بتحضير حصانين لهما ثم دخل عند الأمير و دلَّكهُ وأعطاه أدوية تُدفي مفاصله ثم خرج و لبس ملابس السفر ثم دخل على الأمير و معه سكيناً حادة يريد بها قتله فقال الأمير و هو مندهش : أمجنونٌ أنت ؟! فقال له الرازي : لقد أمرت جنودك بأخذي من بيتي غصباً عني و لسوف أنتقم منك ، فبدأ الأمير ينادي الجنود ولكن ما من أمل فتشجع الأمير و أراد قتل الرازي و قام من الحمام و لكن الرازي كان قد هرب و ركب الحصان و إنتقل إلى مدينة مرو فرجع الأمير إلى قصره غاضباً من الرازي فرحا بشفائه و طلب من الجنود البحث عن الرازي و إحضاره و لكن الرازي كان قد اختفى .
و بعد أيام بعث الرازي بخادمه و معه رسالة و الحصانين الذين أخذهما إلى الأمير المنصور فقال له فيها أن علاجه كان سوف يستغرق مدة طويلة تمتد سنين فلجأ الرازي إلى العلاج النفسي لإثارة الأمير فيدفئ ذلك مفاصلك فتشفى بسرعة ولم يكن من الذكاء البقاء عندك .
فضحك المنصور وأمر الخادم بأخذ الحصانين ثم أمر بصرف مُكافأة للرازي و هي أن يصله لمدى الحياة راتباً سنوياً مقداره ألفان دينار ذهبي يصله أينما كان و مائتا حِمل من القمح يصلان إليه كل عام .
3 و يُروىَ أن غُلاماً جاء إلى الرازي و هو ينف الدم ففحصه الرازي و أخذ يسأل عن حاله منذ بداية العِلة و من واقع البحث و الفحص و الإجابات التي حصل عليها، طلب من أهل الغلام إمهاله حتى يوم الغد، فراح الرازي يفكر في
المرض فاكتشف أن الغلام قد شرب من ماء المستنقعات و هو قادم إلى بغداد و قد دخل في جوفه نوع من الديدان التي تمتص الدماء و أن هذا هو السبب بالمرض فطلب من المريض أكل الكثير من الطحلب حتى ملئت معدته ثم جعل الغلام يخرج ما في بطنه فقذف كل الذي في بطنه حتى عثر على الدودة التي سببت المرض وبذلك نجا هذا الغلام .
ألقابه :
لُقِّبَ أبو بكر محمد بن زكريا الرازي بألقاب عديدة منها الرازي جالينوس العرب و رائد المستشفيات الحديثة و كُنِيَ الرازي بكُنية أبو بكر .
مؤلفاته :
كتب الرازي الكثير من المؤلفات نستذكر منها :
1 كُتُب الطب : كتاب الحاوي في الطب و هو من أشهر كُتُبِه ، و قد تم تدريسه في أوروبا حتى القرن الرابع عشر. و كتاب المنصوري في الطب الذي أهداه إلى الخليفة المنصور و كتاب طب الفقراء و هو كتاب يبين للفقراء كيفية معالجة أنفسهم بأنفسهم و كتاب الطب الملوكي و كتاب المدخل في الطب و كتاب منافع الأغذية و كتاب في صفات البيمارستان و كتب كتاب أسماه ( من لا يحضره الطبيب ) وغيره الكثير .
2 كتب الكيمياء : منها كتاب سر الأسرار في الطب و الكيمياء
و له العديد من الكتب الآخرى مثل كتاب الشكوك على جالينوس ، و كتاب رسائل فلسفية.
أوائل الرازي :
كان الرازي أول من :
- قال أن الأمراض الوراثية تنتقل من الآباء إلى الأبناء
- عالج الحمى باستخدام الماء البارد
- ابتكر في العلاج ما يسمى التجربة الضابطة
- ابتكر الطب النفسي
- إستعمل خيوطاً لخياطة الجرحات من أمعاء الحيوان لأنها تتآكل مع تمام الشفاء
- كتب مقالات خاصة في طب الأطفال
- اكتشف أثر الضوء على حدقة العين
- حضَّر الجبس و إستخدمه في تجبير العظام بعدما خلطه بالبيض
رحمه الله ، حقاً لقد خسر العالم طبيباً لا يُستغنى عنه .
قصة رائعة تستحق التججيع
ردحذف